الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)
.(فِي الْغَنَمِ يَحُولُ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَيَذْبَحُ صَاحِبُهَا مِنْهَا): قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا كَانَتْ عِنْدَهُ غَنَمٌ فَحَال عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَذَبَحَ مِنْهَا وَأَكَلَ، ثُمَّ إنَّ الْمُصَدِّقَ أَتَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَدْ كَانَ حَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ: إنَّهُ لَا يَنْظُرُ إلَى مَا ذَبَحَ وَلَا إلَى مَا أَكَلَ بَعْدَمَا حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ، وَإِنَّمَا يُصَدِّقُ الْمُصَدِّقُ مَا وَجَدَ فِي يَدَيْهِ وَلَا يُحَاسِبُهُ بِشَيْءٍ مِمَّا مَاتَ أَوْ ذَبَحَ فَأَكَلَ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ: أَلَا تَرَى أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ قَالَ: إذَا أَتَى الْمُصَدِّقُ فَإِنَّهُ مَا هَجَمَ عَلَيْهِ زَكَّاهُ، وَإِنْ جَاءَ وَقَدْ هَلَكَتْ الْمَاشِيَةُ فَلَا شَيْءَ لَهُ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَلَا تَرَى أَنَّهَا إذَا ثَنَيَتْ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ بَقِيَّةِ الْمَالِ، أَوَلَا تَرَى إلَى حَدِيثِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ السَّبْعَةِ أَنَّهُ قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: لَا يُصَدِّقُ الْمُصَدِّقُ إلَّا مَا أَتَى عَلَيْهِ لَا يَنْظُرُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ. .فِي الَّذِي يَهْرُبُ بِمَاشِيَتِهِ عَنْ السَّاعِي: فَقَالَ: يُؤَدِّي عَنْ كُلِّ عَامٍ زَكَاةَ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ الْغَنَمِ، وَلَا يُؤَدِّي عَمَّا أَفَادَ أَخِيرًا فِي الْعَامَيْنِ الْآخَرَيْنِ لِمَا مَضَى مِنْ السِّنِينَ، وَذَلِكَ أَنِّي رَأَيْتُ مَالِكًا إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِي، لِأَنَّ الَّذِي فَرَّ كَانَ ضَامِنًا لَهَا لَوْ هَلَكَتْ مَاشِيَتُهُ كُلُّهَا بَعْدَ ثَلَاثِ سِنِينَ، وَلَمْ يَضَعْ عَنْهُ الْمَوْتُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ لِأَنَّهُ ضَمِنَهَا حِينَ هَرَبَ بِهَا، وَإِنَّ الَّذِي يَهْرُبُ لَوْ هَلَكَتْ مَاشِيَتُهُ وَجَاءَهُ الْمُصَدِّقُ بَعْدَ هَلَاكِهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ، فَكَمَا كَانَ الَّذِي هَرَبَ بِهَا ضَامِنًا لِمَا هَلَكَ مِنْهَا فَمَا أَفَادَ إلَيْهَا فَلَيْسَ مِنْهَا، وَكَمَا كَانَ الَّذِي لَمْ يَهْرُبْ لَمْ يَضْمَنْ مَا مَاتَ مِنْهَا فَمَا ضُمَّ إلَيْهَا فَهُوَ مِنْهَا وَهُوَ أَمْرٌ بَيِّنٌ وَقَدْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَاخْتَلَفْنَا فِيهَا، فَسَأَلْنَا مَالِكًا عَنْهَا غَيْرَ مَرَّةٍ فَقَالَ، فِيهَا هَذَا الْقَوْلَ، وَهُوَ أَحَبُّ مَا فِيهَا إلَيَّ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ هَرَبَ بِمَاشِيَتِهِ مِنْ الْمُصَدِّقِ وَقَدْ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ وَقَدْ تَمُوتُ كُلُّهَا، أَيَكُونُ عَلَيْهِ زَكَاتُهَا لِأَنَّهُ هَرَبَ بِهَا مِنْ الْمُصَدِّقِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. .زَكَاةُ الْمَاشِيَةِ يَغِيبُ عَنْهَا السَّاعِي: قَالَ: يُزَكِّي السِّنِينَ الْمَاضِيَةَ كُلَّ شَيْءٍ وَجَدَهُ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ الْمَاشِيَةِ لِمَا مَضَى مِنْ السِّنِينَ عَلَى مَا وَجَدَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ. وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَتْ غَنَمٌ لِرَجُلٍ فَغَابَ عَنْهَا السَّاعِي خَمْسَ سِنِينَ فَوَجَدَهَا حِينَ جَاءَهَا ثَلَاثًا وَأَرْبَعِينَ، أَخَذَ مِنْهَا أَرْبَعَ شِيَاهٍ لِأَرْبَعِ سِنِينَ وَسَقَطَتْ عَنْ رَبِّهَا سَنَةٌ، لِأَنَّهُ حِينَ أَخَذَ مِنْهَا أَرْبَعَ شِيَاهٍ لِأَرْبَعِ سِنِينَ صَارَتْ إلَى أَقَلَّ مِمَّا فِيهِ الزَّكَاةُ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ مِائَتَيْنِ مِنْ الْغَنَمِ لَمْ يَضْمَنْ لَهُ شَيْئًا مِمَّا تَلِفَ مِنْهَا. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَتْ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ فَمَضَى لَهَا خَمْسُ سِنِينَ لَمْ يَأْتِهِ فِيهَا السَّاعِي فَأَتَاهُ بَعْدَ الْخَمْسِ سِنِينَ؟ فَقَالَ: عَلَيْهِ خَمْسُ شِيَاهٍ. قُلْتُ: لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ خَمْسُ شِيَاهٍ وَلَمْ تُجْعَلْ فِي الْغَنَمِ حِينَ صَارَتْ إلَى مَا لَا زَكَاةَ فِيهَا شَيْئًا؟ فَقَالَ: لِأَنَّ الْإِبِلَ فِي هَذَا خِلَافُ الْغَنَمِ، الْإِبِلُ زَكَاتُهَا مِنْ غَيْرِهَا، الْإِبِلُ هَهُنَا إنَّمَا زَكَاتُهَا فِي الْغَنَمِ وَالْغَنَمُ إنَّمَا زَكَاتُهَا مِنْهَا، فَلَمَّا رَجَعَتْ الْغَنَمُ إلَى مَا لَا زَكَاةَ فِيهَا حِينَ أَخَذَ الْمُصَدِّقُ مِنْهَا مَا أَخَذَ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا سَبِيلٌ، وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ. قُلْتُ: فَلَوْ كَانَتْ لِرَجُلٍ أَلْفُ شَاةٍ. قَضَى لَهَا خَمْسَ سِنِينَ لَمْ يَأْتِهِ الْمُصَدِّقُ فِيهَا وَهِيَ أَلْفُ شَاةٍ عَلَى حَالِهَا، فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُ الْمُصَدِّقُ بِيَوْمٍ هَلَكَتْ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إلَّا تِسْعٌ وَثَلَاثُونَ شَاةً؟ فَقَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ فِيهَا شَيْءٌ. قُلْتُ: وَكَذَلِكَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ إذَا رَجَعَتْ إلَى مَا لَا زَكَاةَ فِيهَا فَلَا شَيْءَ لِلْمُصَدِّقِ، وَإِنْ كَانَ بَقِيَ مِنْهَا مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ زَكَّى هَذِهِ الْبَقِيَّةَ الَّتِي وَجَدَ لِلسِّنِينَ الْمَاضِيَةِ حَتَّى تَصِيرَ إلَى مَا لَا زَكَاةَ فِيهَا، ثُمَّ يَكُفُّ عَنْهَا وَلَا يَكُونُ لَهُ عَلَيْهَا سَبِيلٌ إذَا رَجَعَتْ إلَى مَا لَا زَكَاةَ فِيهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَانَتْ الْغَنَمُ فِي أَوَّلِ عَامٍ غَابَ عَنْهَا الْمُصَدِّقُ وَفِي الْعَامِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَالرَّابِعِ أَرْبَعِينَ لَيْسَتْ بِأَكْثَرَ مَنْ أَرْبَعِينَ فِي هَذِهِ الْأَعْوَامِ الْأَرْبَعَةِ، فَلَمَّا كَانَ فِي الْعَامِ الْخَامِسِ أَفَادَ غَنَمًا أَوْ اشْتَرَاهَا فَصَارَتْ أَلْفَ شَاةٍ فَأَتَاهُ الْمُصَدِّقُ وَهِيَ أَلْفُ شَاةٍ؟ فَقَالَ: يُزَكِّي هَذِهِ الْأَلْفَ لِلْأَعْوَامِ الْمَاضِيَةِ كُلِّهَا الْخَمْسِ سِنِينَ وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى يَوْمِ أَفَادَهَا وَكَذَلِكَ الْبَقَرُ وَالْإِبِلُ. قَالَ مَالِكٌ: لِأَنَّ الْفِتْنَةَ نَزَلَتْ حِينَ نَزَلَتْ فَأَقَامَ النَّاسُ سِتَّ سِنِينَ لَا سُعَاةَ لَهُمْ، فَلَمَّا اسْتَقَامَ أَمْرُ النَّاسِ بَعَثَ الْوُلَاةُ السُّعَاةَ فَأَخَذُوا مِمَّا وَجَدُوا فِي أَيْدِي النَّاسِ لِمَا مَضَى مِنْ السِّنِينَ، وَلَمْ يَسْأَلُوهُمْ عَمَّا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ مِمَّا مَاتَ فِي أَيْدِيهِمْ وَلَا مِمَّا أَفَادُوهُ فِيهَا، فَبِهَذَا أَخَذَ مَالِكٌ. قَالَ: وَهُوَ الشَّأْنُ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَتْ لِرَجُلٍ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ مِنْ الْإِبِلِ قَدْ مَضَى لَهَا خَمْسَةُ أَحْوَالٍ لَمْ يَأْتِهِ فِيهَا الْمُصَدِّقُ؟ فَقَالَ: يَأْخُذُ مِنْهَا إذَا جَاءَهُ ابْنَةَ مَخَاضٍ وَسِتَّ عَشْرَةَ شَاةً، لِلسَّنَةِ الْأُولَى ابْنَةُ مَخَاضٍ وَلِلسَّنَةِ الثَّانِيَةِ أَرْبَعُ شِيَاهٍ وَلِلسَّنَةِ الثَّالِثَةِ أَرْبَعُ شِيَاهٍ وَلِلسَّنَةِ الرَّابِعَةِ أَرْبَعُ شِيَاهٍ وَلِلسَّنَةِ الْخَامِسَةِ أَرْبَعُ شِيَاهٍ فَذَلِكَ سِتَّ عَشْرَةَ شَاةً. قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ لَهُ عِشْرُونَ وَمِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ فَمَضَى لَهَا خَمْسُ سِنِينَ لَمْ يَأْتِهِ فِيهَا الْمُصَدِّقُ، ثُمَّ جَاءَهُ كَمْ يَأْخُذُ؟ فَقَالَ: يَأْخُذُ مِنْهَا لِأَوَّلِ سَنَةٍ حِقَّتَيْنِ وَلِلسَّنَةِ الثَّانِيَة حِقَّتَيْنِ وَلِلسَّنَةِ الثَّالِثَةِ حِقَّتَيْنِ وَلِلسَّنَةِ الرَّابِعَةِ حِقَّتَيْنِ وَلِلسَّنَةِ الْخَامِسَةِ حِقَّتَيْنِ فَذَلِكَ عَشْرُ حِقَاقٍ. قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ إحْدَى وَتِسْعِينَ مَنْ الْإِبِلِ فَمَضَى لَهَا خَمْسُ سِنِينَ ثُمَّ جَاءَهُ الْمُصَدِّقُ، كَمْ يَأْخُذُ مِنْهَا؟ فَقَالَ: يَأْخُذُ لِأَوَّلِ سَنَةٍ حِقَّتَيْنِ وَلِلسَّنَةِ الثَّانِيَةِ بِنْتَيْ لَبُونٍ وَلِلسَّنَةِ الثَّالِثَةِ بِنْتَيْ لَبُونٍ وَلِلسَّنَةِ الرَّابِعَةِ بِنْتَيْ لَبُونٍ وَلِلسَّنَةِ الْخَامِسَةِ بِنْتَيْ لَبُونٍ فَيَصِيرُ ثَمَانِيَ بَنَاتِ لَبُونٍ وَحِقَّتَيْنِ. قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَعَلَى هَذَا فَقِسْ جَمِيعَ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ إذَا غَابَ عَنْهَا السَّاعِي. قَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ: أَلَا تَرَى أَنَّ ابْنَ أَبِي الزِّنَادِ يُخْبِرُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ قَالَ: كَانَ مَنْ أَدْرَكْتُ مِنْ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ وَعُلَمَائِهِمْ مِمَّنْ يُرْضَى وَيُنْتَهَى إلَى قَوْلِهِ مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ فِي مَشْيَخَةِ سِوَاهُمْ مِنْ نُظَرَائِهِمْ أَهْلُ فِقْهٍ وَفَضْلٍ وَرُبَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الشَّيْءِ، فَأَخَذَ يَقُولُ أَكْثَرُهُمْ وَأَفْضَلُهُمْ رَأْيًا، قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: فَكَانَ الَّذِي وَعَيْتُ عَنْهُمْ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: لَا يُصَدِّقُ الْمُصَدِّقُ إلَّا مَا أَتَى عَلَيْهِ لَا يَنْظُرُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ. قَالَ أَشْهَبُ: قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: وَهِيَ السُّنَّةُ وَالْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُصَدِّقَ لَا يُصَدِّقُ إلَّا مَا أَتَى عَلَيْهِ وَوَجَدَ عِنْدَهُ مِنْ الْمَاشِيَةِ يَوْمَ يَقْدَمُ عَلَى الْمَالِ، لَا يُلْتَفَتُ إلَى شَيْءٍ سِوَى ذَلِكَ. قَالَ أَشْهَبُ: قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمَنْ كَانَ قَبْلَهُ مِنْ الْفُقَهَاءِ يَقُولُونَ ذَلِكَ. .فِي إبَّانِ خُرُوجِ السُّعَاةِ: قَالَ مَالِكٌ: وَعَلَى ذَلِكَ الْعَمَلُ عِنْدَنَا، لِأَنَّ ذَلِكَ رِفْقٌ بِالنَّاسِ فِي اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى الْمَاءِ وَعَلَى السُّعَاةِ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ. .فِي زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ الْمَغْصُوبَةِ: فَقَالَ: إذَا غَصَبَهَا أَوْ ظُلِمَهَا ثُمَّ رُدَّتْ عَلَيْهِ بَعْدَ أَعْوَامٍ، لَمْ يُزَكِّهَا إلَّا زَكَاةَ عَامٍ لِعَامٍ لِوَاحِدٍ. قَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا: إنَّهُ وَإِنْ غُصِبَهَا فَلَمْ تَزَلْ مَالَهُ، فَمَا أَخَذَتْ السُّعَاةُ مِنْهَا أَجْزَأَ عَنْهُ، فَأَرَى إذَا رُدَّتْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَأْخُذْ السُّعَاةُ مِنْهَا شَيْئًا أَنْ يُزَكِّيَهَا لِمَا مَضَى مِنْ السِّنِينَ عَلَى مَا تُوجَدُ عَلَيْهِ عِنْدَهُ، وَلَيْسَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَالِ الْعَيْنِ أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ فِي غَيْرِ هَذَا، يَخْتَلِفَانِ فِي الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَوْ لَا تَرَى أَيْضًا لَوْ أَنَّ امْرَأً غُصِبَ حَائِطُهُ فَأَثْمَرَ سِنِينَ فِي يَدَيْ مُغْتَصَبِهِ ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ وَمَا أَثْمَرَ، لَكَانَتْ عَلَيْهِ صَدَقَةُ مَا رُدَّ عَلَيْهِ، فَكَذَلِكَ صَاحِبُ الْمَاشِيَةِ عَلَيْهِ صَدَقَةُ مَاشِيَتِهِ إذَا رُدَّتْ عَلَيْهِ لِمَا مَضَى مِنْ السِّنِينَ لِأَنَّهُ مَالُهُ بِعَيْنِهِ وَالصَّدَقَةُ تُجْزِئُ فِيهِ، وَلَيْسَتْ بِمَنْزِلَةِ الْعَيْنِ إذَا اغْتَصَبَهُ عَادَ لَيْسَ بِمَالٍ لَهُ وَصَارَ الْمُغْتَصِبُ غَارِمًا لِمَا اغْتَصَبَ. قال سَحْنُونٌ: وَالْعَيْنُ هُوَ الضِّمَارُ الَّذِي يَرُدُّ زَكَاتَهُ الدَّيْنُ فَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا وَقَدْ قَالَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَيْضًا. .مَا أَخَذَ السَّاعِي فِي قِيمَةِ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ: فَقَالَ: أَرْجُو أَنْ تَجْزِيَ عَنْهُمْ إذَا كَانَ فِيهَا وَفَاءٌ لِقِيمَةِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ وَكَانَتْ عِنْدَ مَحِلِّهَا، وَإِنَّمَا أَجْزَأَ ذَلِكَ لِأَنَّ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ ذَكَرَهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مِنْ النَّاسِ مَنْ يَكْرَهُ اشْتِرَاءَ صَدَقَةِ مَالِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَرَى بِهِ بَأْسًا. قال سَحْنُونٌ: فَكَيْفَ بِمَنْ أُكْرِهَ. .فِي اشْتِرَاءِ الرَّجُلِ صَدَقَتَهُ: قال سَحْنُونٌ: أَلَا تَرَى أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَجَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ كَرِهُوا ذَلِكَ. .فِي زَكَاةِ النَّخْلِ وَالثِّمَارِ: فَقَالَ: إذَا أَثْمَرَ وَجُدَّ أَخَذَ مِنْهَا الْمُصَدِّقُ عُشْرَهُ إنْ كَانَ يَشْرَبُ سَيْحًا أَوْ تَسْقِيهِ السَّمَاءُ بَعْلًا، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَشْرَبُ بِالْغَرْبِ أَوْ دَالِيَةٍ أَوْ سَانِيَةٍ فِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ، قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: فَالْكَرْمُ أَيُّ شَيْءٍ يُؤْخَذُ مِنْهُ؟ فَقَالَ: خَرْصُهُ زَبِيبًا. قُلْتُ: وَكَيْفَ يُخْرَصُ زَبِيبًا؟ فَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُخْرَصُ عِنَبًا ثُمَّ يُقَالُ مَا يَنْقُصُ مِنْ هَذَا الْعِنَبِ إذَا تَزَبَّبْ فَيُخْرَصُ نُقْصَانُ الْعِنَبِ، وَمَا يَبْلُغُ أَنْ يَكُونَ زَبِيبًا فَذَلِكَ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْهُ. قَالَ: وَكَذَلِكَ النَّخْلُ أَيْضًا يُقَالُ مَا فِي هَذَا الرُّطَبِ، ثُمَّ يُقَالُ مَا فِيهِ إذَا جَفَّ وَصَارَ تَمْرًا، فَإِذَا بَلَغَ تَمْرُهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَصَاعِدًا كَانَتْ فِيهِ الصَّدَقَةُ. قُلْتُ: وَهَذَا كُلُّهُ الَّذِي سَأَلْتُكَ عَنْهُ فِي الثِّمَارِ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ لَا يَكُونُ هَذَا النَّخْلُ تَمْرًا وَلَا هَذَا الْعِنَبُ زَبِيبًا؟ فَقَالَ: يُخْرَصُ، فَإِنْ كَانَ فِي تَمْرِهِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ أُخِذَ مِنْ ثَمَنِهِ، وَإِنْ بِيعَ بِأَقَلَّ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ بِشَيْءٍ كَثِيرٍ أُخِذَ مِنْهُ الْعُشْرُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا تَسْقِي السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ وَالْأَنْهَارُ فَفِيهِ الْعُشْرُ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَسْقِيهِ السَّوَانِي فَفِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ. قَالَ: وَإِنْ كَانَ إذَا خُرْصَ لَا يَبْلُغُ خَرْصُهُ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ وَكَانَ ثَمَنُهُ إذَا بِيَعَ أَكْثَرَ مِمَّا يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ بِأَضْعَافٍ، لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ وَكَانَ فَائِدَةً لَا تَجِبُ عَلَى صَاحِبِهِ فِيهِ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَى ثَمَنِهِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ يَقْبِضُهُ. قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ نَخْلٍ يَكُونُ بَلَحًا لَا يُزْهَى هَذَا شَأْنُهَا، كَذَلِكَ يُبَاعُ وَيُؤْكَلُ أَتَرَى فِيهَا الزَّكَاةَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ إذَا بَلَغَ خَرْصُهَا خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، فَقِيلَ لَهُ: فِي ثَمَرِهَا أَوْ فِي ثَمَنِهَا؟ فَقَالَ: بَلْ فِي ثَمَنِهَا وَلَيْسَ فِي ثَمَرِهَا. قَالَ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَكُونُ حَائِطُهُ بَرْنِيًّا يَأْكُلُهُ، أَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَمْ يُؤَدِّي مِنْ وَسَطِ التَّمْرِ؟ فَقَالَ: بَلْ يُؤْخَذُ مِنْهُ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ وَسَطِ التَّمْرِ. قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ كُلُّهُ جُعْرُورًا أَوْ مُصْرَانَ الْفَأْرَةِ أَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَوْ مِنْ وَسَطِ التَّمْرِ؟ فَقَالَ: بَلْ يُؤْخَذُ مِنْهُ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ وَسَطِ التَّمْرِ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ أَفْضَلَ مِمَّا عِنْدَهُ. قَالَ: وَإِنَّمَا رَأَيْتُ مَالِكًا يَأْمُرُ بِأَنْ يُؤْخَذَ مِنْ وَسَطِ التَّمْرِ إذَا كَانَ الْحَائِطُ أَصْنَافًا مِنْ التَّمْرِ، فَقَالَ: يُؤْخَذُ مِنْ وَسَطِ التَّمْرِ. قَالَ أَشْهَبُ عَنْ اللَّيْثَ بْنِ سَعْدٍ وَابْنِ لَهِيعَةَ، إنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُمْ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ الزَّكَاةَ فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْبَعْلُ، وَفِيمَا سَقَتْ الْعُيُونُ الْعُشْرُ، وَفِيمَا سَقَتْ السَّوَانِي نِصْفُ الْعُشْرِ». قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ. قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَتَّابَ بْنَ أَسِيدٍ حِينَ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى مَكَّةَ، فَقَالَ: «أَخْرِصْ الْعِنَبَ كَمَا تُخْرِصُ النَّخْلَ ثُمَّ خُذْ زَكَاتَهَا مِنْ الزَّبِيبِ كَمَا تَأْخُذُ زَكَاةَ التَّمْرِ مِنْ النَّخْلِ». قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْجَلِيلِ بْنُ حُمَيْدٍ الْيَحْصُبِيُّ، أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ حَدَّثَهُ. قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ فِي الْآيَةِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} قَالَ: هُوَ الْجُعْرُورُ وَلَوْنُ حُبَيْقٍ، فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُؤْخَذَ فِي الصَّدَقَةِ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ أَنْ يُؤْخَذَ الْبَرْنِيُّ مِنْ الْبَرْنِيِّ وَيُؤْخَذَ اللَّوْنُ مِنْ اللَّوْنِ، وَلَا يُؤْخَذُ الْبَرْنِيُّ مِنْ اللَّوْنِ وَأَنْ يُؤْخَذَ مِنْ الْجَرِينِ وَلَا يُضَمِّنُوهَا النَّاسَ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا صَدَقَةَ فِي حَبٍّ وَلَا تَمْرٍ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ». .فِي الرَّجُلِ يُخْرَصُ عَلَيْهِ نَخْلُهُ ثُمَّ يَمُوتُ قَبْلَ أَنْ يُجَدَّ: فَقَالَ: إذَا خُرِصَتْ فَقَدْ وَجَبَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ، وَلَا يُنْظَرُ فِي هَذَا إلَى مَوْتِ الرَّجُلِ وَلَا إلَى حَيَاتِهِ، لِأَنَّهَا إذَا خُرِصَتْ فَقَدْ وَجَبَتْ فِيهَا الصَّدَقَةُ. قُلْتُ: فَمَتَى تُخْرَصُ؟ فَقَالَ: إذَا أَزْهَتْ وَطَابَتْ وَحَلَّ بَيْعُهَا خُرِصَتْ، وَأَمَّا قَبْلَ أَنْ تُزْهِي فَلَا تُخْرَصُ. قُلْتُ: فَإِنْ مَاتَ رَبُّهَا قَبْلَ أَنْ تُخْرَصَ وَبَعْدَ أَنْ أَزْهَتْ، وَحَلَّ بَيْعُهَا، فَمَاتَ رَبُّهَا فَصَارَ فِي حَظِّ الْوَرَثَةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ؟ فَقَالَ: إذَا أَزْهَتْ وَطَابَتْ وَحَلَّ بَيْعُهَا وَإِنْ لَمْ تُخْرَصْ، فَقَدْ وَجَبَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ مَاتَ رَبُّهَا أَوْ لَمْ يَمُتْ فَالزَّكَاةُ لَازِمَةٌ فِي الثَّمَرَةِ، وَإِنْ لَمْ يَصِرْ لِكُلِّ وَارِثٍ إلَّا وَسْقٌ وَسْقٌ، وَإِنَّمَا يُنْظَرُ فِي هَذَا إلَى الثَّمَرَةِ إذَا أَزْهَتْ وَطَابَتْ وَلَا يُنْظَرُ إلَى الْخَرْصِ، فَإِذَا أَزْهَتْ وَطَابَتْ ثُمَّ مَاتَ صَاحِبُهَا فَقَدْ وَجَبَتْ فِيهَا الصَّدَقَةُ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى مَا يَصِيرُ لِلْوَرَثَةِ. قُلْتُ: وَجَمِيعُ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ قُلْتُ: فَإِنْ مَاتَ رَبُّ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ قَبْلَ أَنْ يُزْهِي الرُّطَبُ وَيَطِيبُ الْعِنَبُ، فَصَارَ لِكُلِّ وَارِثٍ مَا لَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ؟ فَقَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ إلَّا مَنْ بَلَغَتْ حِصَّتُهُ مَا تَجِبُ فِيهَا الصَّدَقَةُ. قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. .مَا جَاءَ فِي الْخَرْصِ: فَقَالَ: إذَا طَابَ وَحَلَّ بَيْعُهُ خُرِصَ. قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: وَالنَّخْلُ مَتَى يُخْرَصُ؟ فَقَالَ: إذَا أَزْهَتْ وَطَابَتْ وَحَلَّ بَيْعُهَا خُرِصَتْ، وَأَمَّا قَبْلَ أَنْ تُزْهِيَ فَلَا يُخْرَصُ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ مَا فِي نَخْلِهِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ أَيُخْرَصُ أَمْ لَا؟ فَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُخْرَصُ قُلْتُ: هَلْ يَتْرُكُ الْخُرَّاصُ لِأَصْحَابِ الثِّمَارِ مِمَّا يَخْرُصُونَ شَيْئًا لِمَكَانِ مَا يَأْكُلُونَ أَوْ لِمَكَانِ الْفَسَادِ؟ فَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُتْرَكُ لَهُمْ شَيْءٌ مِنْ الْخَرْصِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْخَرْصِ إلَّا خَمْسَةَ أَوْسُقٍ أُخِذَ مِنْ الْخَمْسَةِ وَلَمْ يُتْرَكْ لَهُمْ شَيْءٌ قُلْتُ: فَإِنْ خَرَصَ الْخَارِصِ أَرْبَعَةَ أَوْسُقٍ فَجَدَّ فِيهِ صَاحِبُ النَّخْلِ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ؟ فَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ؟ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُؤَدِّيَ زَكَاتَهُ. قَالَ: لِأَنَّ الْخُرَّاصَ الْيَوْمَ لَا يُصِيبُونَ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُؤَدِّيَ زَكَاتَهُ قَبْلَ أَنْ يُؤْكَلَ أَوَّلُ شَيْءٍ مِنْهَا. قَالَ: وَكَذَلِكَ فِي الْعِنَبِ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ: قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ فَيَخْرُصُ ثِمَارَ النَّخْلِ حِينَ يَطِيبُ أَوَّلُ شَيْءٍ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يُؤْكَلَ شَيْءٌ مِنْهُ، ثُمَّ يُخَيِّرُ الْيَهُودَ أَيَأْخُذُونَهَا بِذَلِكَ الْخَرْصِ أَوْ يَدْفَعُونَهَا إلَيْهِ». قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَإِنَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالْخَرْصِ، لِكَيْ تُحْصَى الزَّكَاةُ قَبْلَ أَنْ تُؤْكَلَ الثَّمَرَةُ وَتُفَرَّقَ فَكَانُوا عَلَى ذَلِكَ. .زَكَاةُ الزَّيْتُونِ: قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ هَذَا الزَّيْتُونُ مِمَّا يَكُونُ فِيهِ الزَّيْتُ فَبَاعَ الزَّيْتُونَ قَبْلَ أَنْ يُعْصَرَ؟ قَالَ: يُؤْخَذُ مِنْ صَاحِبِهِ زَيْتٌ مِثْلُ عُشْرِ مَا كَانَ يُخْرِجُ مِنْهُ مِنْ الزَّيْتِ أَوْ نِصْفِ الْعُشْرِ يَأْتِي بِهِ، كَذَلِكَ إنْ بَاعَ نَخْلَهُ رُطَبًا إذَا كَانَ نَخْلًا يَكُونُ تَمْرًا أَوْ كَرْمَهُ عِنَبًا إذَا كَانَ كَرْمُهُ يَكُونُ زَبِيبًا، فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِزَكَاةِ ذَلِكَ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا. قَالَ: وَهَذَا إذَا كَانَ نَخْلًا أَوْ عِنَبًا أَوْ زَيْتُونًا يَكُونُ زَبِيبًا وَتَمْرًا وَزَيْتًا، فَأَمَّا مَا لَا يَكُونُ زَبِيبًا وَلَا تَمْرًا وَلَا زَيْتًا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ عُشْرُ ثَمَنِهِ أَوْ نِصْفُ عُشْرِ ثَمَنِهِ إذَا بَلَغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلَّذِي يَكُونُ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا أَوْ زَيْتًا. قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ: قَالَ: عِنْدَنَا كِتَابُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ». قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ وَزَادَ فِيهِ وَالسُّلْتُ. قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ عِمْرَانَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ، وَزَادَ فِيهِ وَالزَّيْتُونُ عَنْ نَفْسِهِ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عِمْرَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِمِثْلِ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: فِي الزَّيْتُونِ زَكَاةٌ. .زَكَاةُ الْخُلَطَاءِ فِي الثِّمَارِ وَالزَّرْعِ وَالْأَذْهَابِ: .فِي زَكَاةِ الثِّمَارِ الْمُحْبَسَةِ وَالْإِبِلِ وَالْأَذْهَابِ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: فَرَجُلٌ جَعَلَ إبِلًا لَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَحَبَسَ رِقَابَهَا وَحَمَلَ عَلَى نَسْلِهَا، أَتُؤْخَذُ مِنْهُ الصَّدَقَةُ كَمَا تُؤْخَذُ مِنْ الْإِبِلِ الَّتِي لَيْسَتْ مُحْبَسَةً؟ فَقَالَ: نَعَمْ فِيهَا الصَّدَقَةُ. قُلْتُ لِمَالِكٍ: أَوْ قِيلَ لَهُ فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا حَبَسَ مِائَةَ دِينَارٍ مَوْقُوفَةً يُسَلِّفُهَا النَّاسَ وَيَرُدُّونَهَا عَلَى ذَلِكَ جَعَلَهَا حَبْسًا هَلْ تَرَى فِيهَا زَكَاةً؟ فَقَالَ: نَعَمْ أَرَى فِيهَا زَكَاةً. قُلْتُ لَهُ: فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا جَعَلَ مِائَةَ دِينَارٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تُفَرَّقُ أَوْ عَلَى الْمَسَاكِينِ، فَحَال عَلَيْهَا الْحَوْلُ هَلْ تُؤْخَذُ مِنْهَا الزَّكَاةُ؟ فَقَالَ: لَا هَذِهِ كُلُّهَا تُفَرَّقُ وَلَيْسَتْ مِثْلَ الْأُولَى، وَكَذَلِكَ الْبَقَرُ وَالْإِبِلُ وَالْغَنَمُ إذَا كَانَتْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تُفَرَّقُ أَوْ تُبَاعُ فَتُقَسَّمُ أَثْمَانُهَا فَيُدْرِكُهَا الْحَوْلُ قَبْلَ أَنْ تُفَرَّقَ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا زَكَاةٌ لِأَنَّهَا تُفَرَّقُ وَلَا تُتْرَكُ مُسْبَلَةً، وَهُوَ رَأْيِي فِي الْإِبِلِ إذَا أَمَرَ أَنْ تُبَاعَ وَيُفَرَّقَ ثَمَنُهَا مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الدَّنَانِيرِ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ: أَنَّهُ قَالَ فِي النَّخْلِ الَّتِي هِيَ صَدَقَةُ رِقَابِهَا: إنَّ فِيهَا الصَّدَقَةَ تُخْرَصُ كُلَّ عَامٍ مَعَ النَّخْلِ، قَالَ أَشْهَبُ: وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ذَلِكَ. قَالَ: وَقَدْ تَصَدَّقَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَالصَّدَقَةُ تُؤْخَذُ مِنْ صَدَقَاتِهِمْ. .فِي جَمْعِ الثِّمَارِ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ فِي الزَّكَاةِ: قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَانَتْ كُرُومُهُ مُتَفَرِّقَةً فِي بُلْدَانٍ شَتَّى جُمِعَ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ. قَالَ: وَكَذَلِكَ الْغَنَمُ وَجَمِيعُ الْمَاشِيَةِ. قَالَ: وَكَذَلِكَ الْحَبُّ. .(فِي الرَّجُلِ يَجُدُّ نَخْلَهُ أَوْ يَحْصُدُ زَرْعُهُ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُ الْمُصَدِّقُ): قُلْتُ: أَرَأَيْتَ النَّخْلَ يَجُدُّ الرَّجُلُ مِنْهَا خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَصَاعِدًا، أَوْ الْأَرْضَ يَرْفَعُ مِنْهَا خَمْسَةَ أَوْسُقٍ مِنْ الْحَبِّ فَصَاعِدًا، فَضَاعَ نِصْفُ ذَلِكَ أَوْ جَمِيعُهُ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الْمُصَدِّقُ؟ قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْهَا فَقَالَ: ذَلِكَ فِي ضَمَانِهِ حَتَّى يُؤَدِّيَهُ وَإِنْ تَلِفَ، وَلَا يَضَعُ عَنْهُ التَّلَفُ شَيْئًا مِمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ قَدْ جَدَّهُ وَأَدْخَلَهُ مَنْزِلَهُ أَوْ حَصَدَهُ فَأَدْخَلَهُ مَنْزِلَهُ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ حِينَ حَصَدَ الزَّرْعَ وَجَدَّ التَّمْرَ وَلَمْ يُدْخِلْهُ بَيْتَهُ إلَّا أَنَّهُ فِي الْأَنَادِرِ وَهُوَ فِي عَمَلِهِ فَضَاعَ، أَوْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: لَا. قُلْتُ: فَإِنْ دَرَسَهُ وَجَمَعَهُ فِي أَنْدَرِهِ، وَجَدَّ النَّخْلَ وَجَمَعَهُ وَجَعَلَهُ فِي جَرِينِهِ، ثُمَّ عَزَلَ عُشْرَهُ لِيُفَرِّقَهُ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَضَاعَ قَبْلَ أَنْ يُفَرِّقَهُ؟ فَقَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَأْتِ مِنْهُ تَفْرِيطٌ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُخْرِجُ زَكَاةَ مَالِهِ عِنْدَ مَحِلِّهَا لِيُفَرِّقَهَا فَتَضِيعُ مِنْهُ: إنَّهُ إنْ لَمْ يُفَرِّطْ فَلَا شَيْء عَلَيْهِ فَهَذَا يَجْمَعُ لَكَ كُلَّ شَيْءٍ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْحِنْطَةَ وَالشَّعِيرَ وَالتَّمْرَ وَالسُّلْتَ إذَا أَخْرَجَ زَكَاتَهُ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُ الْمُصَدِّقُ فَضَاعَ ذَلِكَ أَهُوَ ضَامِنٌ؟ قَالَ: نَعَمْ كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي هَذَا، وَقَالَ فِي الْمَالِ: إنَّهُ إنْ لَمْ يُفَرِّطْ فَضَاعَ الْمَالُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ، وَقَالَ فِي الْمَاشِيَةِ: مَا ضَاعَ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُ الْمُصَدِّقُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ. قَالَ: وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي هَذَا. قُلْتُ: فَمَا بَالَهُ ضَمِنَهُ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالسُّلْتِ وَالتَّمْرِ مَا ضَاعَ مِنْ زَكَاتِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُ الْمُصَدِّقُ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا ضَاعَ ذَلِكَ ضَمِنَهُ لِأَنَّهُ قَدْ أَدْخَلَهُ بَيْتَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَاَلَّذِي أَرَى أَنَّهُ إذَا أَخْرَجَهُ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ فَتَأَخَّرَ عَنْهُ الْمُصَدِّقُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي ذَلِكَ: إذَا لَمْ يُفَرِّطْ فِي الْحُبُوبِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. قَالَ سَحْنُونٌ وَقَدْ قَالَهُ الْمَخْزُومِيُّ: إذَا عَزَلَهُ وَحَبَسَهُ لِلسُّلْطَانِ فَكَأَنَّ اللَّهَ الَّذِي غَلَبَهُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُتْلِفْهُ هُوَ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِمَّا صَنَعَ وَلَيْسَ إلَيْهِ دَفَعَهُ. .فِي زَكَاةِ الزَّرْعِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ فِيهَا الْعُشْرُ عَلَى الْمُتَكَارِي الزَّارِعِ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: مَنْ كَانَ عَلَيْهِ فِي أَرْضِهِ الْخَرَاجُ أَوْ زَرَعَ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ وَهِيَ أَرْضُ خَرَاجٍ، فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ مِمَّا خَرَجَ لَهُ مِنْ الْأَرْضِ وَلَا يَضَعُ الْخَرَاجُ عَنْهُ زَكَاةَ مَا أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ. قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ زَرَعَ زَرْعًا فِي أَرْضٍ اكْتَرَاهَا، فَزَكَاةُ مَا أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ عَلَى الزَّارِعِ وَلَيْسَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ مِنْ زَكَاةِ مَا أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ شَيْءٌ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَخْرَجَتْ أَرْضُهُ طَعَامًا كَثِيرًا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَبَاعَهُ، ثُمَّ أَتَى الْمُصَدِّقُ أَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَنْ الْمُشْتَرِي شَيْئًا أَمْ لَا؟ فَقَالَ: لَا، وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلَكِنْ يَأْخُذُ مِنْ الْبَائِعِ الْعُشْرَ أَوْ نِصْفَ الْعُشْرِ طَعَامًا. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمُصَدِّقُ عِنْدَ الْبَائِعِ شَيْئًا وَوَجَدَ الْمُصَدِّقُ الطَّعَامَ بِعَيْنِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، أَخَذَ الْمُصَدِّقُ مِنْهُ الصَّدَقَةَ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِقَدْرِ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ. قال سَحْنُونٌ: وَقَدْ قَالَ بَعْضُ كِبَارِ أَصْحَابِ مَالِكٍ: لَيْسَ عَلَى الْمُشْتَرِي شَيْءٌ لِأَنَّ الْبَائِعَ كَانَ الْبَيْعُ لَهُ جَائِزًا وَهُوَ عِنْدِي أَحْسَنُ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ بَاعَ رَجُلٌ أَرْضَهُ وَزَرْعَهُ وَفِي الْأَرْضِ زَرْعٌ قَدْ بَلَغَ، عَلَى مَنْ زَكَاتُهُ؟ قَالَ: عَلَى الْبَائِعِ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ. قُلْتُ: فَإِنْ بَاعَ أَرْضَهُ وَفِيهَا زَرْعٌ أَخْضَرُ اشْتَرَطَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى مَنْ زَكَاتُهُ؟ قَالَ: عَلَى الْمُشْتَرِي وَذَلِكَ قَوْلُ مَالِكٍ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَكْرَيْتُ أَرْضِي مِنْ ذِمِّيٍّ أَوْ مَنَحْتُهَا ذِمِّيًّا فَزَرَعَهَا، أَيَكُونُ عَلَيَّ مَنْ الْعُشْرِ شَيْءٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْكَ لِأَنَّ الْعُشْرَ إنَّمَا هُوَ زَكَاةٌ، وَإِنَّمَا الزَّكَاةُ عَلَى مَنْ زَرَعَ وَلَيْسَ عَلَيْكَ أَنْتَ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ إذَا لَمْ تَزْرَعْ، أَلَا تَرَى أَنَّكَ لَوْ لَمْ تَزْرَعْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ شَيْءٌ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي مُنِحْتُ أَرْضًا وَأَجَرْتهَا مَنْ عَبْدٍ فَزَرَعَهَا الْعَبْدُ، أَيَكُونُ عَلَى الْعَبْدِ مِنْ عُشْرِهَا شَيْءٌ أَمْ عَلَيَّ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ فَقَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْكَ وَلَا عَلَى الْعَبْدِ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الصَّبِيَّ إذَا مُنِحَ أَرْضًا فَزَرَعَهَا أَوْ زَرَعَ أَرْضَ نَفْسِهِ، أَيَكُونُ عَلَيْهِ الْعُشْرُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ لِأَنَّ الصَّغِيرَ فِي مَالِهِ الزَّكَاةُ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ وَيَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ وَسَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أَخَذَ أَرْضًا بِجِزْيَتِهَا لَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يُؤَدِّيَ عُشُورَهَا مَا يُؤَدِّي مِنْ الْجِزْيَةِ، عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَ عُشْرَ مَا زَرَعَ وَإِنْ أَعْطَى الْجِزْيَةَ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ يَحْيَى: وَقَالَ رَبِيعَةُ: زَكَاةُ الزَّرْعِ عَلَى مَنْ زَرَعَ وَإِنْ تَكَارَى مِنْ عَرَبِيٍّ أَوْ ذِمِّيٍّ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ مِثْلَهُ: وَقَالَ يُونُسُ: وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: لَمْ يَزَلْ الْمُسْلِمُونَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْدَهُ يُعَامِلُونَ عَلَى الْأَرْضِ وَيَسْتَكْرُونَهَا، ثُمَّ يُؤَدُّونَ الزَّكَاةَ مِمَّا خَرَجَ مِنْهَا فَنَرَى أَرْضَ الْجِزْيَةِ عَلَى نَحْوِ ذَلِكَ.
|