الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.قال أبو حيان: {واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرّعًا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون}.الضمير في و{اسألهم} عائد على من يحضره الرسول صلى الله عليه وسلم من اليهود وذكر أن بعض اليهود المعارضين للرسول صلى الله عليه وسلم قالوا له لم يكن من بني إسرائيل عصيان ولا معاندة لما أمروا به فنزلت هذه الآية موبّخة لهم ومقررة كذبهم ومعلمة ما جرى على أسلافهم من الإهلاك والمسخ وكانت اليهود تكتم هذه القصة فهي مما لا يعلم إلا بكتاب أو وحي فإذا أعلمهم بها من لم يقرأ كتابهم علم أنه من جهة الوحي، وقوله: {عن القرية} فيه حذف أي عن أهل لقرية و{القرية} إيلة قاله ابن مسعود وأبو صالح عن ابن عباس والحسن وابن جبير وقتادة والسدّي وعكرمة وعبد الله بن كثير والثوري، أو مدين ورواه عكرمة عن ابن عباس أو ساحل مدين، وروي عن قتادة وقال هي مقّنى بالقاف ساكنة، وقال ابن زيد: هي مقناة ساحل مدين، ويقال: لها معنى بالعين مفتوحة ونون مشدّدة أو طبرية قاله الزهري أو أريحا أو بيت المقدس وهو بعيد لقوله: {حاضرة البحر} أو قرية بالشام لم تسمَّ بعينها وروي عن الحسن: ومعنى انتهى حاضرة البحر بقرب البحر مبنية بشاطئه ويحتمل أن يريد معنى الحاضرة على جهة التعظيم لها أي هي الحاضرة في قرى البحر فالتقدير {حاضرة} قرى. أي يحضر أهل قرى البحر إليها لبيعهم وشرائهم وحاجتهم {إذ يعدون في السبت} أي يجاوزون أمر الله في العمل يوم السبت وقد تقدم منه تعالى النهي عن العمل فيه والاشتغال بصيد أو غيره إلا أنه في هذه النازلة كان عصيانهم، وقرئ {يعدّون} من الإعداد وكانوا يعدّون آلات الصيد يوم السبت وهم مأمورون بأن لا يشتغلوا فيه بغير العبادة وقرأ شهر بن حوشب وأبو نهيك {يعَدّون} بفتح العين وتشديد الدال وأصله يعتدون فأدغمت التاء في الدال كقراءة من قرأ {لا تعدوا في السبت} {إذ} ظرف والعالم فيه.قال الحوفي: {إذ} متعلقة بسلهم انتهى، ولا يتصور لأن {إذ} ظرف لما مضى وسلهم مستقبل ولو كان ظرفًا مستقبلًا لم يصحّ المعنى لأن العادين وهم أهل القرية مفقودون فلا يمكن سؤالهم والمسؤول عن أهل القرية العادين.وقال الزمخشري: {إذ يعدون} بدل {من القرية} والمراد بالقرية أهلها كأنه قيل وسلهم عن أهل القرية وقت عدوانهم في السبت وهو من بدل الاشتمال انتهى، وهذا لا يجوز لأن {إذ} من الظروف التي لا تتصرف ولا يدخل عليها حرف جر وجعلها بدلًا يجوز دخول عن عليها لأن البدل هو على نيّة تكرار العامل ولو أدخلت عن عليها لم يجز وإنما تصرف فيها بأن أضيف إليها بعض الظروف الزمانية نحو يوم إذ كان كذا وأما قول من ذهب إلى أنها يتصرّف فيها بأن تكون مفعولة باذكر فهو قول من عجز عن تأويلها على ما ينبغي لها من إبقائها ظرفًا، وقال أبو البقاء {عن القرية}: أي عن خبر القرية وهذا المحذوف هو الناصب للظرف الذي هو {إذ يعدون}، وقيل هو ظرف للحاضرة وجوّز ذلك أنها كانت موجودة في ذلك الوقت ثم خربت انتهى، والظاهر أن قوله: {في السبت} و{يوم سبتهم} المراد به اليوم ومعنى {اعتدوا فيه} أي بعصيانهم وخلافهم كما قدمنا، وقال الزمخشري: السبت مصدر سبتت اليهود إذا عظمت سبتها بترك الصيد والاشتغال بالتعبّد فمعناه يعدون في تعظيم هذا اليوم وكذلك قوله تعالى: {يوم سبتهم} يوم تعظيمهم ويدل عليه قوله: {ويوم لا يسبتون} {وإذ تأتيهم} العامل في {إذ يعدون} أي إذ عدوا في السبت إذ أتتهم لأنّ إذ ظرف لما مضى يصرف المضارع للمضي.وقال الزمخشري: ويجوز أن يكون بدلًا بعد بدل انتهى، يعني بدلًا من {القرية} بعد بدل {إذ يعدون} وقد ذكرنا أن ذلك لا يجوز وأضاف {السبت} إليهم لأنهم مخصوصون بأحكام فيه.وقرأ عمر بن عبد العزيز: {حيتانهم} يوم أسباتهم، قال أبو الفضل الرازي في كتاب اللوامح وقد ذكر هذه القراءة عن عمر بن عبد العزيز: وهو مصدر من أسبت الرجل إذا دخل في السبت، وقرأ عيسى بن عمر وعاصم بخلاف {لا يسبتون} بضمّ كسرة الباء في قراءة الجمهور، وقرأ علي والحسن وعاصم بخلاف {يسبتون} بضم ياء المضارعة من أسبت دخل في السبت، قال الزمخشري: وعن الحسن {لا يسبتون} بضم الياء على البناء للمفعول أي لا يدار عليهم السبت ولا يؤمرون بأن يسبتوا والعامل في {يوم} قوله: {لا تأتيهم} وفيه دليل على أنّ ما بعد لا للنفي يعمل فيما قبلها وفيه ثلاثة مذاهب الجواز مطلقًا والمنع مطلقًا والتفصيل بين أن يكون لا جواب قسم فيمتنع أو غير ذلك فيجوز وهو الصحيح كذلك أي مثل ذلك البلاء بأمر الحوت نبلوهم أي بلوناهم وامتحناهم، وقيل كذلك متعلق بما قبله أي {ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك} أي لا {تأتيهم} إتيانًا مثل ذلك الإتيان وهو أن تأتي شرّعًا ظاهرة كثيرة بل يأتي ما أتى منها وهو قليل فعلى القول الأول في كذلك ينتفي إتيان الحوت مطلقًا، كما روي في القصص أنه كان يغيب بجملته وعلى القول الثاني كان يغيب أكثره ولا يبقى منه إلاّ القليل الذي يتعب بصيده قاله قتادة: وهذا الإتيان من الحوت قد يكون بإرسال من الله كإرسال السُّحاب أو بوحي إلهام كما أوحى إلى النحل أو بإشعار في ذلك اليوم على نحو ما يشعرالله الدّواب يوم الجمعة بأمر الساعة حسبما جاء وما من دابة إلا وهي مصيخة يوم الجمعة حتى تطلع الشمس فرقًا من الساعة ويحتمل أن يكون ذلك من الحوت شعورًا بالسلامة ومعنى {شرّعًا} مقبلة إليهم مصطفّة، كما تقول أشرعت الرّمح نحوه أي أقبلت به إليه، وقال الزمخشري: {شرّعًا} ظاهرة على وجه الماء، وعن الحسن: تشرّع على أبوابهم كأنها الكباش السّمن يقال: شرع علينا فلان إذا دنا منه وأشرف علينا وشرعت على فلان في بيته فرأيته يفعل كذا، وقال رواة القصص: يقرب حتى يمكن أخذه باليد فساءهم ذلك وتطرّقوا إلى المعصية بأن حفروا حفرًا يخرج إليها ماء البحر على أخدود فإذا جاء الحوت يوم السبت وحصل في الحفرة ألقوا في الأخدود حجرًا فمنعوه الخروج إلى البحر فإذا كان الأحد أخذوه فكان هذا أول التطريق، وقال ابن رومان: كانوا يأخذ الرجل منهم خيطًا ويضع فيه وهقة وألقاها في ذنب الحوت وفي الطرف الآخر من الخيط وتدٌ مضروب وتركه كذلك إلى أن يأخذه في الأحد ثم تطرق الناس حين رأوا من يصنع هذا لا يبتلي حتى كثر صيد الحوت ومشى به في الأسواق وأعلن الفسقة بصيده وقالوا ذهبت حرمة السبت. اهـ..قال أبو السعود: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ}.{وَسْئَلْهُمْ} عطف على المقدر في إذ قيل أي واسأل اليهودَ المعاصرين لك سؤالَ تقريعٍ وتقرير كفرَهم وتجاوزَهم لحدود الله تعالى وإعلامًا لهم بأن ذلك مع كونه من علومهم الخفيةِ التي لا يقف عليها إلا من مارس كتبَهم قد أحاط به النبيُّ عليه الصلاة والسلام خُبْرًا، وإذ ليس ذلك بالتلقي من كتبهم لأنه عليه الصلاة والسلام بمعزل من ذلك تعين أنه من جهة الوحي الصريح {عَنِ القرية} أي عن حالها وخبرِها وما جرى على أهلها من الداهية الدهياءِ وهي أَيْلَةُ، قريةٌ بين مدْيَنَ والطور، وقيل: هي مدينُ وقيل: طبرية، والعرب تسمي المدينةَ قرية {التى كَانَتْ حَاضِرَةَ البحر} أي قريبةً منه مشرفةً على شاطئه {إِذْ يَعْدُونَ في السبت} أي يتجاوزون حدودَ الله تعالى بالصيد يوم السبت، وإذ ظرفٌ للمضاف المحذوفِ أو بدلٌ منه، وقيل: ظرفٌ لكانت أو حاضرة، وليس بذاك إذ لا فائدةَ في تقييد الكونِ أو الحضور بوقت العُدوان، وقرئ {يعدّون} وأصله يعتدون ويُعِدّون من الإعداد حيث كانوا يُعِدّون آلاتِ الصيدِ يوم السبت وهم منهيّون عن الاشتغال فيه بغير العبادة.{إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ} ظرفٌ ليَعْدون أو بدلٌ بعد بدلٍ والأولُ هو الأولى لأن السؤالَ عن عُدوانهم أدخلُ في التقريع، والحيتانُ جمعُ حوتٍ قُلبت الواوُ ياءً لانكسار ما قبلها كنونٍ ونينانٍ لفظًا ومعنى، وإضافتُها إليهم للإشعار باختصاصها بهم لاستقلالها بما لا يكاد يوجد في سائر أفرادِ الجنس من الخواصّ الخارقةِ للعادة، أو لأن المرادَ بها الحيتانُ الكائنةُ في تلك الناحيةِ وأن ما ذكر من الإتيان وعدمِه لاعتيادها أحوالَهم في عدم التعرّض يوم السبت {يَوْمَ سَبْتِهِمْ} ظرفٌ لتأتيهم أي تأتيهم يومَ تعظيمِهم لأمر السبت وهو مصدرُ سَبَتت اليهودُ إذا عظّمت السبْت بالتجرد للعبادة، وقيل: اسمٌ لليوم، والإضافةُ لاختصاصهم بأحكام فيه ويؤيد الأولَ قراءةُ من قرأ يوم أسباتِهم وقوله تعالى: {شُرَّعًا} جمعُ شارع من شرع عليه إذا دنا وأشرف، وهو حالٌ من حيتانُهم أي تأتيهم يوم سبْتِهم ظاهرةً على وجه الماء قريبةً من الساحل {وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ} أي لا يراعون أمرَ السبتِ لكن لا بمجرد عدمِ المراعاةِ مع تحقق يوم السبتِ كما هو المتبادرُ بل مع انتفائهما معًا أي لا سبت ولا مراعاة كما في قوله:وقرئ {لا يُسبتون} من أسبت ولا يُسبَتون على البناء للمفعول بمعنى لا يدخلون في السبت ولا يُدار عليهم حكمُ السبتِ ولا يؤمرون فيه بما أمروا به يوم السبت {لاَ تَأْتِيهِمْ} كما كانت تأتيهم يوم السبت حذار من صيدهم، وتغييرُ السبك حيث لم يقل: ولا تأتيهم يوم لا يسبتون لما أن الإخبارَ بإتيانها يوم سبْتهم مظِنةُ أن يقال: فماذا حالُها يوم لا يسبتون؟ فقيل: يوم لا يسبتون لا تأتيهم {كذلك نَبْلُوهُم} أي مثلَ ذلك البلاءِ العجيب الفظيعِ نعاملهم معاملةَ من يختبرهم ليُظهِرَ عداوتَهم ونؤاخذهم به، وصيغةُ المضارع لحكاية الحالِ الماضيةِ لاستحضار صورتها والتعجيبِ منها {بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ} أي بسبب فسقِهم المستمرِّ المدلولِ عليه بالجمع بين صيغتي الماضي والمستقبلِ لكن لا في تلك المادةِ فإن فسقَهم فيها لا يكون سببًا للبلوى بل بسبب فسقهم المستمر في كل ما يأتون وما يذرون، وقيل: {كذلك} متصلٌ بما قبله أي لا تأتيهم مثلَ ما تأتيهم يوم سبتهم فالجملةُ بعده حينئذ استئنافٌ مبنيٌّ على السؤال عن حكمة اختلافِ حال الحيتانِ بالإتيان تارة وعدمِه أخرى. اهـ. .قال الألوسي: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ}.{واسألهم} عطف على اذكر المشار إليه فيما تقدم آنفًا، والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، وضمير الغيبة لمن بحضرته عليه الصلاة والسلام من نسل اليهود أي واسأل اليهود المعاصرين لك سؤال تقريع وتقرير بتقدم تجاوزهم لحدود الله تعالى، والمراد إعلامهم بذلك لأنهم كانوا يخفونه، وفي الإطلاع عليه مع كونه عليه الصلاة والسلام ليس ممن مارس كتبهم أو تعلمه من علمائهم ما يقضي بأن ذلك عن وحي فيكون معجزة شاهدة عليهم {وَسْئَلْهُمْ عَنِ القرية} أي عن خبرها وحالها وما وقع بأهلها من ثالثة الأثافي، والمراد بالسؤال عن ذلك بما يعم السؤال عن النفس وعن الأهل أو الكلام على تقدير مضاف، والمراد عن حال أهل القرية، وجوز التجوز فيها، وهي عند ابن عباس وابن جبير إيلة قرية بين مدين والطور.وعن ابن شهاب هي طبرية، وقيل: مدين وهي رواية عن الحبر، وعن ابن زيد أنها مقتًا بين مدين وعينونا {التى كَانَتْ حَاضِرَةَ البحر} أي قريبة منه مشرفة على شاطئه {إِذْ يَعْدُونَ في السبت} أي يظلمون ويتجاوزون حدود الله تعالى بالصيد يوم البست أو بتعظيمه، وإذ بدل من المسؤول عنه بدل اشتمال أو ظرف للمضاف المصدر، قيل: واحتمال كونه ظرفًا لكانت أو حاضرة ليس بشيء إذ لا فائدة بتقييد الركون أو الحضور بوقت العدوان وضمير يعدون للأهل المقدر أو المعلوم من الكلام، وقيل: إلى القرية على سبيل الاستخدام، وقرئ {يَعْدُونَ} بمعنى يعتدون أدغمت التاء في الدار ونقلت حركتها إلى العين {ويعدون} من الإعداد حيث كانوا يعدون آلات الصيد يوم السبت وهم منهيون عن الاشتغال فيه بغير العبادة {إِذْ تَأْتِيهِمْ} ظرف ليعدون أو بدل بعد بدل، وإلى الأول ذهب أكثر المعربين، وهو الأولى لأن السؤال عن عدوانهم أبلغ في التقريع، وحيتان جمع حوت أبدلت الواو ياءًا لسكونها وانكسار ما قبلها كنون ونينات لفظًا ومعنى وإضافتها إليهم باعتبار أن المراد الحيتان الكائنة في تلك الناحية التي هم فيها، وقيل: للإشعار باختصاصها بهم لاستقلالها بما لا يكاد يوجد في سائر أفراد الجنس من الخواص الخارقة للعادة، ولا يخفى بعده {حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ} ظرف لتأتيهم أي تأتيهم يوم تعظيمهم لأمر السب، وهو مصدر سبتت اليهود إذا عظمت يوم السبت بترك العمل والتفرغ للعبادة فيه، وقيل: اسم لليوم والإضافة لاختصاصهم بأحكام فيه، ويؤيد الأول قراءة عمرو بن عبد العزيز {يَوْمٍ}، وكذا التفي الآتي {سَبْتِهِمْ شُرَّعًا} أي ظاهرة على وجه الماء كما قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قريبة من الساحل، وهو جمع شارع من شرع عليه إذا دنا وأشرف، وفي الشرع معنى الإظهار والتبيين، وقيل: حيتان شرع رافعة رؤسها كأنه جعل ذلك إضهارًا وتبيينًا، وقيل:المعنى متتابعة ونسب إلى الضحاك، والظاهر أنها ظاهرة وهو نصب على الحال من الحيتان {وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ} أي لا يراعون أمر السب وهو على حد قوله:إذ المقصود انتفاء السبت والمراعاة.وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه {لاَ يَسْبِتُونَ} بضم حرف المضارعة من أسبت إذا دخل في السبت كاصبح إذا دخل في الصباح، وعن الحسن أنه قرأ لا يسبتون على البناء للمفعول بمعنى لا يدخلون في السبت ولا يؤمرون فيه بما أمروا به يوم السبت، وقرئ {لاَ يَسْبِتُونَ} بضم الباء والظرف متعلق بقوله سبحانه: {لاَ تَأْتِيهِمْ} أي لا تأتيهم يوم لا يسبتون كما كانت تأتيهم يوم السبت حذرًا من صيدهم لاعتيادها أحوالهم وأن ذلك لمحض تقدير العزيز العليم، وتغيير البسك حيث قدم الظرف على الفعل ولم يعكس لما أن الإتيان يوم سبتهم مظنة كما قيل: لأن يقال فماذا حالها يوم لا يسبتون؟ فقيل: يوم لا يسبتون لا تأتيهم {كذلك نَبْلُوهُم} أي نعاملهم معاملة المختبرين لهم ليظهر منهم ما يظهر فنؤاخذهم به، وصيغة المضارع لحكاية الحال الماضية لاستحشار صورتها والتعجيب منها، والإشارة إما إلى الابتلاء السابق أو إلى الابتلاء المذكور بعد كما مر غير مرة؛ وقيل: الإشارة إلى الإتيان يوم السبت وهي متصلة بما قبل أي لا تأتيهم كذلك الإتيان يوم السبت، والكاف في موضع نصب على الحال عند الطبرسي، وجوز أن يكون متعلقًا بمحذوف وقع صفة لمصدر مقدر أي إتيانًا كائنًا كذلك، وجملة نبلوهم استئناف مبني على السؤال عن حكم اختلاف حال الحيتان بالاتيان تارة وعدمه أخرى {بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ} أي بسبب فسقهم المستمر في كل ما يأتون ويذرون، وهو متعلق بماعنده، وتعلق إذ يعدون بنبلوهم وبما يبعدون على معنى نبلوهم وقت العدوان بالفسق مما لا ينبغي تخريج كتاب الله تعالى الجليل عليه. اهـ.
|