الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
وكانت درية قد أنشأت معهدًا نسائيًا لتدعيم نشاطها في حركة تحرير المرأة وقد عددت في كتابها تطور النهضة النسائية في مصر من عهد محمد على إلى عهد الفاروق أفضال بعض الشخصيات الكريمة التي مولت عملية إنشاء هذه الدار قالت: وهنا لا يمكنني أن أجحد فضل المرحوم!! المستر هربرمان الأمريكي الذي تبرع بمبلغ مائتي جنيه أرسلها من أمريكا مساعدة في تأسيس هذه الدار.وقالت: كما أخذ المسيو بيانكي المقاول الكبير على عاتقه بناء هذه الدار بقدر ما يمكن من العناية والاقتصاد. اهـ.وفي إبريل سنة 1951م عقد مؤتمر نسائي دولي في أثينا حضرته هذه المرأة ممثلة المرأة المصرية زورًا وبهتانًا وقد كان المؤتمر مؤامرة استعمارية بعيدة المدى كما يبدو من أحد قراراته التي أيدتها درية شفيق فيما يتعلق بإقرار سياسة التسليح الدفاعي مما كان من شأنه تأييد الاحتلال البريطاني لمصر ولذلك صفقت المندوبة البريطانية تصفيقًا حارًا لذلك القرار.وكانت تلك المرأة تصرخ مطالبة بحق المرأة في الانتخاب والترشيح وبضرورة إيجاد نص في القانون يجعل النساء سواسية مع الرجال إزاء هذا الحق المزعوم فقامت ضدها قومة علماء الدين وعلى رأسهم فضيلة مفتي الديار المصرية آنذاك الشيخ محمد حسنين مخلوف حفظه الله ودعاة الفضيلة والأخلاق بحملتهم الناجحة التي أحبطت كيد الاستعمار وأذنابه وأسندت ظهر الأمة أمام الخطر وإذا بالزعيمة تتصل بإنكلترا مستغيثة فلجأت على الفور إلى مندوب الإذاعة البريطانية في مصر باتريك سميث ليرفع إلى بلاده شكوى عميلتها من الحكومة المصرية!ولذلك لم يعجب هؤلاء الذين استمعوا إلى المذيع البريطاني المذكور حينما تكلم إلى بلاده حينذاك قائلًا ما ملخصه:جاءتني الدكتورة درية شفيق زعيمة حزب بنت النيل وقد شكت إلىّ من أن الجهات المسئولة في مصر تعارض بشدة مطالبتها بحقوق المرأة السياسية وكفاحها من أجل تمثيل المرأة داخل البرلمان المصري وطلبت مني أن أناشد الصحف البريطانية كي تؤازرها بكل ما تستطيعه وأن تضغط على الدوائر المصرية حتى تكف عن معارضتها القائمة، ثم أوصى حضرته في رسالته بضرورة مؤازرة هذه الزعيمة في دعوتها إلى تحرير المرأة المصرية عملًا بميثاق هيئة الأمم المتحدة الذي تحتكم إليه الزعيمة والذي ينص على تطبيق مبدأ المساواة في الحقوق السياسية والاجتماعية بين الرجال والنساء في الدول الأعضاء والتي من بينها مصر. اهـ. وفي عهد وزارة على ماهر إذا به يسمح لها بالسفر إلى لندن لحضور المؤتمر النسائي الدولي هناك ثم تنتقل بعد ذلك على الفور بصحبة مندوبة إنكلترا لحضور المؤتمر النسائي في نابلي وقد استقبلتها الصحف الإنجليزية جميعها على عادتها استقبالًا حارًا علقت عليه بعض الصحف المصرية- في دهشة- بأنه استقبال لم يحدث له مثيل.ثم اتجهت الزعيمة إلى روما بصحبة مندوبة إنكلترا ومندوبة إسرائيل تبيهلا مانمون وأثناء انعقاد المؤتمر اتصلت بوفد إسرائيل ورئيسته المذكورة طوال الأيام التي مكثتها هناك ونشرت الصحف الأوربية وبعض المجلات النسوية المصرية الصور الكثيرة التي بدت فيها الدكتورة درية شفيق في أحاديث هامة وأوضاع شتى مع هذه الإسرائيلية الخطيرة.وأعلنت المندوبة الإسرائيلية المذكورة ارتياحها بالمندوبة المصرية بلندن ومصاحبتها لها إلى نابلي حيث قالت فيما نشرته الصحف الإيطالية والفرنسية:إنني أهنئ نفسي بهذا الاتصال الذي ربط بيني وبين السيدة درية شفيق وإنني أعلن لعضوات المؤتمر السادس عشر في نابلي أني عقدت أمالي على الزعيمة المصرية لحل جميع المشكلات بين البلدين: إسرائيل ومصر.وقد نشرت مجلة نسوية مصرية الصور المختلفة لدرية شفيق مع رئيسة وفد إسرائيل نقلًا عن الصحف الإيطالية كما نشرت صورة زنكوغرافية لمقال نشرته بعض الصحف الإسرائيلية الصادرة في تل أبيب باللغة العبرية وكانت صورة درية شفيق وهي تحادث مندوبة إسرائيل تزين! المقال المذكور وقد جاء في هذا المقال بعد ترجمته:إن تل أبيب تتوقع أن الحوادث المقبلة ستزيد مكانة درية شفيق شأنًا ورفعة. اهـ.درية شفيق، ومثلها الأعلى:وتجهر درية شفيق بالدعوة إلى التبعية المطلقة للغرب ولبريطانيا التي كانت تحتل مصر آنذاك على وجه الخصوص فتقول:وبالرغم من أن ثقافة معظم المصريين المتعلمين متأثرة أشد التأثر بالثقافة الفرنسية وبالرغم من أن كثيرًا من مظاهر حياتنا الاجتماعية منقولة عن مظاهر الحياة الفرنسية الاجتماعية فإنا لا نجد في ظروفنا الحاضرة مثلًا أرفع من مثل الإنجليزية المثالية التي نرجو أن نخطو في نشاطنا النسائي على نهجها وهداها.فالمرأة الإنجليزية سيدة عركها الزمن واستحقت مكانها في حياة بريطانيا العظمى بجدارة تحسدها عليها بنات جنسها جميعًا إنها سيدة بيت من الطراز الأول، وهي أم مثالية بين الأمهات.. لأن وظيفة الأم عندها رعاية الابن الممثل فيه الجيل الجديد: جيل إنجلترا الذي ينبغي أن يحافظ على تقاليد تلك الأمة وفي مقدمتها تربية الطفل تربية تليق ب عظمة بريطانيا، فيشب مواطنًا يعرف مقامه في الدنيا وحسبه هذا المقام الذي يشغله الإنجليز منذ مئات السنين.وتقول: وقد تأثرت المرأة الإنجليزية في ذلك كله بملكة إنجلترا، ونحن بذلك نضرب المثل بخير مثل وهو جلالة ملكة بريطانيا.فلنأخذ القدوة من أهل القدوة وليكن في السيدة الإنجليزية وعلى رأسها ملكة إنجلترا مثالًا لنا في كفاحنا من أجل السيدة المصرية ونصيبها في الحياة. اهـ.درية شفيق.. والحملة الفرنسية:وفيما رأى المسلمون الواعون أن الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت سنة 1798 م كانت حملة صليبية جديدة فاجتمعوا يواجهونها ويجاهدونها الجهاد المقدس في سبيل الله رأت درية شفيق أن اعتبار تاريخ مصر الحديثة يبدأ بنزول الفرنسيين إلى وادي النيل- مبدأ مقبول إلى حد بعيد، وتقول:ذلك لأن مصر شهدت جديدًا أثناء تلك الحملة وأنها منذ عرفت الفرنسيين عرفت التقدم في مراحله جميعًا وأنها مضت قدمًا نحو أهداف سياسية واجتماعية....لماذا فشلت درية شفيق؟كانت درية شفيق قلقة مضطربة كالعصر الذي ظهرت فيه فلم تكن في تعقل هدى شعراوي التي كانت تتحرك كجزء في الجهاز العام لحركة التنوير التي وضع أسسها الشيخ محمد عبده وقاسم أمين وسعد زغلول على اختلاف مواهبهم الدينية أو الفكرية أو السياسية، ولم تستطع درية شفيق أن تسوس الرجل فتملكه ثم تطلب ما تريد كما فعلت سابقاتها ولكنها أرادت أن تثور على الرجل فتأخذ حقها غلابًا بأسنانها وأنيابها فلم تستطع لأن أنياب الرجل وأظافره لا تزال أقوى وستظل كذلك.أما السبب الأكثر خطورة في فشل درية شفيق فيتمثل في أنها رأت أن من النساء من هن أحق من الرجال بحق التمثيل السياسي وأنه من العار بزعمها أن يصوت الطاهي وتحرم من ذلك السيدة التي تستخدمه في منزلها فتجاوزت بذلك الحدود والأطوار الأمر الذي لم يقبله الرجل ولم يرض عنه.
.ماري إلياس زيادة: الأديبة السورية الأصل التي اشتهرت فيما بعد بالآنسة مي وكان لها محفل يشبه محافل الباريسيات يجتمع فيه الرجال والنساء وكانت مي سافرة متحررة يجتمع في دارها في هذا المحفل الذي أسسته سنة 1913م أهل الأدب والسياسة والفن ورجال الأعمال والصحافيون وكان المحفل يضم رجالًا ونساءًا من طرز مختلفة من الأوربيين والمصريين والعرب المقيمين بمصر خاصة النصارى منهم وكان يؤمه من الشيوخ الأزهريين الشيخ مصطفى عبد الرزاق وكان يضم طائفة من العلمانيين واللادينيين والليبراليين والماسونيين أمثال: يعقوب صروف وشبلي شميل وأنطوان فرح وإدريس راغب وغيرهم وكانت مي غالية في تحررها وقد انعكس تأثير محفلها على طبقة محصورة من الرجال والنساء الأوربيين والمصريين دون أن ينعكس انعكاسًا مباشرًا على أغلبية نساء المجتمع المصري وإن ظل يؤرخ له على أنه أحد العوامل المساعدة في سير الحركة النسائية نحو التحرر..أمينة السعيد: تلميذة وفية لطه حسين ترأس تحرير مجلة حواء، ومن خلالها تحرض نساءنا على النشوز وفتياتنا على التهتك والانحلال.وقد تواتر لدى الجميع أنها تهاجم الحجاب الإسلامي بكل جرأة وهي- وإن كانت تلقفت الراية من الزعيمات السابقات- إلا أنها تفوقت على كل اللائي سبقنها في باب التجرد من الآداب والأخلاق الأساسية، إذ إنها لا تألو جهدًا في الصد عن سبيل الله والاستهزاء من شرعه عز وجل حتى وصل بها الأمر إلى أن قالت: كيف نخضع لفقهاء أربعة ولدوا في عصر الظلام ولدينا الميثاق؟ وقالت: إنني لا أطمئن على حقوق المرأة إلا إذا تساوت مع الرجل في الميراث.وهي المرأة التي أزعجتها ظاهرة عودة الحجاب إلى المجتمع المصري فجردت قلمها المسموم لتواجه هذه الظاهرة المقلقة ووصفت الحجاب بأنه كفن ككفن الموتى وأسس هذا المحفل- فيما بعد- بصورة رسمية سنة 1914 وذلك بجهود البرنس أولفادي لبيدف.فقد قالت في إحدى جولاتها ضد الحجاب:إن هذه الثياب الممجوجة قشرة سطحية لا تكفي وحدها لفتح أبواب الجنة أو اكتساب رضا الله فتيات يخرجن إلى الشارع والجامعات بملابس قبيحة المنظر يزعمن أنها زي إسلامي لم أجد ما يعطيني مبررًا منطقيًا معقولًا لالتجاء فتيات على قدر مذكور من التعليم إلى لف أجسادهن من الرأس إلى القدمين بزي هو والكفن سواء. اهـ.وقالت أيضًا مستنكرة:هل من الإسلام أن ترتدي البنات في الجامعة ملابس تغطيهن تمامًا وتجعلهن كالعفاريت.. وهل لابد من تكفين البنات بالملابس وهن على قيد الحياة حتى لا يرى منها شيء وهي تسير في الشارع؟. اهـ.وقالت أيضًا:عجبت لفتيات مثقفات! كيف يلبسن أكفان الموتى وهن على قيد الحياة؟!. اهـ.بل إنها تعتبر ظاهرة عودة الحجاب مشكلة وترهق نفسها في البحث عن تبرير لهذه الظاهرة فيهديها شيطانها إلى تبرير يشابه إلى حد كبير موقف المنافقين الذين كانوا يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات الذين لا يستطيعون أن يتصوروا إخلاص المؤمنين في طاعتهم لربهم وصدقهم في الصبر على دينه وامتثال أمره لأنهم لم يألفوا الصدق ولم يذوقوا الإخلاص ومن هنا راحوا يطعنون في الغني المتصدق بأنه مراء وفي الفقير بأنه أحوج إلى صدقته قال تعالى: {الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم} [التوبة (79)].تقول أمينة السعيد:الانفتاح أباح لبعض الفتيات الفرصة في ارتداء الأزياء الغالية ومتابعة الموضات المختلفة مما تسبب عنه مشكلة اجتماعية ترتب عليها في نظري مشكلة الحجاب وارتداء الملابس الإسلامية.. وهو في معظم أوقاته ليس تدينًا بل هربًا من مواجهة المقارنة الرهيبة في الجامعة بين الأزياء الباهظة الثمن المتنوعة وبين البنت غير القادرة وهي عندما تلبس ما يطلقون عليه الزي الإسلامي تنقذ روحها من محنة مالية هي غير قادرة عليها. اهـ.
|